إن كلام سِيبَوَيْهِ في تَعْدَادِ مخارج الحروف العربية هو الأساس الذي تنطلق منه دراسات علماء العربية ، وعلماء التجويد ، ولا يزال كلامه منطبقا على واقع الدرس الصوتي في كثير من جوانبه . وبقي الكلام في اعتبار حروف المد هل لها مخرج خاص أو أنها موزعة على ما يجانسها من المخارج ؟ بمعنى أن هل الألف تخرج من مخرج الهمزة ، والياء المدية تخرج من مخرج الياء غير المدية ، والواو المدية تخرج من مخرج الواو غير المدية . وإخراج
الألف من حروف الحلق تؤيده الدراسات
الصوتية الحديثة ؛ باعتبار أن الألف
من الأصوات الذَّائِبَة بحسب تعبير
بعض علماء التجويد كما تقدم ، أو
الصَّائِتَة ( أو المُصَوِّتَة ) بحسب
تعبير بعض علماء الأصوات
المُحْدَثِينَ ، التي تتميز بأن
الهواء يمر في أثناء النطق بها حرا
طليقا خلال الحلق والفم دون أن يقف في
طريقه عائق أو حائل ، ودون أن يضيق
مجرى الهواء ضيقا من شأنه أن يحدث
احتكاكا مسموعا وهناك تفسير
لبعض علماء التجويد يبين إدراج
سِيبَوَيْهِ الألف في حروف الحلق ،
فعبارة أقصى الحلق تعني عند علماء
العربية وعلماء التجويد
الحنجرة وقد نص المَرْعَشِيُّ على أن أقصى الحلق هو مبدأ صوت الألف ، لكن الغالب هو أن تنسب الحروف إلى موضع التضييق لمجرى الهواء = المخرج ، لا إلى الأحداث الصوتية الثانوية التي تصاحب نطق الصوت مثل حالة الوترين الصوتيين . واتبع علماء التجويد خُطَى سِيبَوَيْهِ في تحديد مخرجي القاف والكاف ، مع بعض التوضيحات من أن القاف تخرج من أول اللهاة مما يلي الحلق ومخرج الخاء . وكان السَّمَرْقَنْدِيُّ ( ت 539 هـ ) قد قسم اللهاة إلى قسمين : الغَلْصَمَة ، وهي أول اللهاة من جانب الحلق ، والعُكْدَة : وهي آخر اللهاة من جانب الفم ، وجعل القاف تخرج من الغَلْصَمَة ، وسماها : " غَلْصَمِيَّة " ، وجعل الكاف تخرج من العُكْدَة ، وَسَمَّاهَا : " العُكْدِيَّة " ، ومؤدى هذا أن مخرج القاف قبل مخرج الكاف .
|